مكافحة الفساد: مسؤولية مجتمعية تبدأ من الفرد وتنتهي بالدولة
▪︎ واتس المملكة
.
خميس علي الزهراني*
الفساد الإداري والمالي يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات والدول في العصر الحديث، حيث يهدد التنمية المستدامة ويضعف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة؛ وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى مسؤولين حكوميين يتحلون بالشجاعة والمبادرة لتبني دور فعّال في مكافحة الفساد، لا سيما أولئك الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً من الحل وليس المشكلة.
هناك نماذج حية تُجسد هذه المسؤولية المجتمعية، حيث يقوم بعض المسؤولين في الدوائر الحكومية بمراقبة العمليات اليومية والإبلاغ فور ملاحظتهم أي ممارسات مشبوهة أو مخالفة للقوانين.
إن إبلاغهم عن التجاوزات لا ينبع فقط من التزامهم الأخلاقي، بل هو واجب وطني يُسهم في بناء بيئة شفافة وخالية من الفساد؛ فالمسؤول الحكومي الذي يضع مصلحة الدولة والمجتمع فوق أي اعتبار يُعدّ حجر الزاوية في تعزيز النزاهة والشفافية؛ من خلال تبني قيم الإبلاغ عن الفساد والمساهمة في كشف المخالفات حتى يصبح هؤلاء المسؤولين قدوةً لغيرهم ويبعثون برسالة قوية بأن الصمت عن الفساد لا يمكن قبوله.
لكن مع الأسف أن قلة من المسؤولين الذين يتنصلون عن مسؤولياتهم، إما بالصمت عن الممارسات الخاطئة أو بالمشاركة فيها، ما يُضعف الجهود المبذولة لمكافحة الفساد؛ لذلك لا يمكن الاعتماد فقط على الأجهزة الرقابية الرسمية؛ بل يجب أن تكون هناك شراكة مجتمعية حقيقية.
إن مكافحة الفساد ليست مسؤولية فرد أو جهة معينة، بل هي مسؤولية جماعية تبدأ من الفرد العادي، مروراً بالمسؤولين في القطاع العام والخاص، وصولاً إلى الدولة بأجهزتها المختلفة؛ فالصمت عن الفساد يعزز ثقافة الإفلات من العقاب ويُشجّع على انتشار هذه الظاهرة الخطيرة، في حين أن التبليغ عن الفساد يُسهم في تعزيز سيادة القانون وحماية المال العام.
هناك حزمة من التعزيزات ينبغي أن يتخذها المسؤولين والمجتمع كدور هام على المحافظة على سرية الرصد؛ من ضمنها توفير حماية قانونية للمبلغين عن الفساد لضمان عدم تعرضهم للانتقام، وقد لاحظنا تحركًا جادًا من نزاهة في هذا الشأن؛ إضافة للمطالبة بتعزيز الوعي المجتمعي من خلال برامج تدريبية وتوعوية تُبرز أهمية مكافحة الفساد؛ وتفعيل قنوات الإبلاغ مثل الخطوط الساخنة والتطبيقات الإلكترونية لتسهيل عملية التبليغ بسرية وفعالية؛ وصولًا إلى منطقة التشجيع حول تكريم النماذج الإيجابية لتشجيع الآخرين على الاقتداء بها.
في النهاية يعد التصدي للفساد مسؤولية تتطلب تكاتف الجميع؛ فالعمل الجاد والإبلاغ عن الممارسات الخاطئة ليس فقط واجباً وطنياً، بل هو حجر الأساس لبناء مجتمع عادل ومتقدم يضمن حقوق الأجيال الحالية والقادمة.
*كاتب سعودي
● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .
source almnatiq